ابن تاشفين .. موحد المغرب ومنقذ الأندلس
ابن الصحراء المباركة
ولد يوسف بن تاشفين بن ترقنت سنة 400 هجرية (1009 ميلادية) في منطقة من الصحراء (المغرب أو موريتانيا اليوم). نشأ ابن تاشفين في محيط ملتزم، حيث تعلم الفروسية مع تعاليم الدين منذ صغره. اتسمت تربية ابن تاشفين بحضور البعد الديني والتربوي والجسدي، وهو ما أهّله لاحقاً لقيادة المرابطين.
المعلم الأول .. الشيخ عبدالله بن ياسين
أخذ يوسف بن تاشفين العلم الديني الحنيف من الفقيه عبدالله بن ياسين الذي حجّ إليهم من قبائل سوس ليؤسس الدولة المرابطية. كان ابن ياسين المعلم والقدوة الذي رسّخ في وجدان ابن تاشفين ضرورة توحيد العدوتين (المغرب والأندلس). تربية ابن ياسين شكّلت جيلاً من المرابطين الذين وحّدوا المغرب الأقصى.
الطريق لإمارة المسلمين
ولّى أبو بكر بن عمر اللمتوني ابن عمه يوسف بن تاشفين إمارة الصحراء، وبايعه شيوخ المرابطين وسادتهم وزعماؤهم، واستقرت للأمير الشاب مناكب الصحراء وسيادة المرابطين. تولى ابن تاشفين مقاليد الدولة المرابطية عام 463 هجرية، وارثاً بذلك زعامة وحّدت المغرب الأقصى وامتدت للعمق الأفريقي (وصلت الى حدود مالي والسنغال).
مؤسس المدينة الحمراء
كان لا بد من بناء عاصمة للدولة الحديثة التي تأسست في بلاد المغرب الأقصى، ولأجل هذا اختار يوسف بن تاشفين أرض “مراكش” لتكون عاصمة لدولته، فاتسع العمران فيها وأصبحت بالفعل عاصمة الدولة المرابطية. ومنذ ذلك الحين توسعت مراكش في البناء والعمران، وشمخت مآذنها وتدفقت جداولها بالعلم الشرعي وكل أنواع التجارة المتداولة.
الطريق لإمارة المسلمين
امتازت سيرة المجاهد يوسف بن تاشفين بسعيه الدؤوب الرامي نحو توحيد راية الأمة الإسلامية، وعليه خرجت السيوف من مراكش لتوحّد المغرب الأقصى، وتمتد لتصل الى بلاد موريتانيا حالياً، وأجزاء من السنغال، وأجزاء كبيرة من الجزائر، ليظل أمامه الأندلس فقط التي كانت تعرف هيمنة “ملوك الطوائف” الذين قسّموها وأضعفوها أمام الغزاة.
ملوك الطوائف
في حقبة يوسف بن تاشفين كانت الأندلس تعيش حصاراً من ملوك الفرنجة الصليبيين، الذين أعلنوا ما سمّوه بـ”حروب الاسترداد”، وما ساعدهم على ذلك وجود ما بات يُعرف بـ”ملوك الطوائف” بالأندلس، وهم أبناء أمراء حرب وقضاة أطبقوا هيمنتهم على مناطق صغيرة “نسبياً” من الأندلس في زمن سقوط الدولة الأموية العامرية.
الزلاقة .. المعركة التي أطالت عمر الأندلس
وضع الأندلس السيء الذي كان يؤول للزوال دفع المعتمد بن عباد ملك إشبيلية وعلماء الأندلس الى اللجوء الى سيوف المرابطين، من أجل طرد ألفونسو السادس ملك قشتالة (أدفونش) وتحرير الأندلس من تمدد الصليبيين، وهو ما حدث حينما حشد ابن تاشفين جيشه من بلاد المغرب نحو الأندلس ليتكبّد أدفونش هزيمة نكراء في معركة الزلاقة الشهيرة، لتعود سيادة المسلمين على أرض الأندلس.
نهاية ملوك الطوائف
بعد تحرر الأندلس من سطوة أدفونش، عاد ابن تاشفين الى عاصمة دولته بمراكش، لكن الوضع لم يطل كثيراً، حيث عاد ملوك الطوائف لفسادهم القديم، ليقرر ابن تاشفين توحيد العدوتين تحت راية دولته، فأسقط دويلات الأندلس تباعاً ووحدّها تحت رايته، لتكون مراكش في عهده عاصمة أكبر دولة إسلامية جمعت بين بلاد السودان والأمازيغ والعرب، والمسلمين والمسيحيين واليهود.