التجسس الاقتصادي

في عالم تشتد فيه المنافسة والصراع في مجالات التقنية والاتصال بين القوى العالمية، تنعكس تلك المنافسة على الصراعات الاقتصادية، وتتجلى أنشطة التجسس الاقتصادي مع رقمنة الاقتصاد وانتشار أدوات التجسس الإلكتروني وأساليبه، وهو ما يرصده موقع "ستراتفور" في تقرير له.

التنين الصيني .. أكبر المتجسسين
تبذل الصين جهوداً مضنية بهدف احتلال الصدارة العالمية في مجال صناعة أشباه الموصلات التي تعد مكوناً أساسياً في صناعة الإلكترونيا، وهو ما يشكل تهديداً للشركات المنافسة. وقد فرضت محكمة تايوانية غرامة على "الشركة المتحدة للإلكترونيات الدقيقة (UMC)" بمبلغ 36 مليون دولار بعد أن اتهمتها شركة "ميكرون تكنولوجي (Micron Technology)" الأميركية لصناعة الرقائق بسرقة أسرار تجارية استفادت منها شركة تابعة للحكومة الصينية.

أميركا للصين بالمرصاد
تستشعر الولايات المتحدة خطراً شديداً دفعها لحظر شركات صينية واتخاذ إجراءات أكثر صرامة، خاصة في قطاع أشباه الموصلات، حيث أدرجت شركة "تصنيع أشباه الموصلات الدولية (SMIC)" الصينية في القائمة السوداء عام 2020 ومنعتها من الوصول الى بعض التقنيات الأميركية، حيث تعتمد الصين في تصنيع الإلكترونيات على استيراد نحو 60% من الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات، فهي المستهلك الأكبر لها عالمياً.

روسيا .. تجسس من أجل الصعود
يعاني قطاع تكنولوجيا المعلومات في روسيا، حيث يشكل 8% فقط من سوق الأسهم، وفي محاولة لدعمه تلجأ موسكو الى الاعتماد على التجسس الاقتصادي. وقد ظهرت قضية تجسس لصالح روسيا مطلع العام عندما اتهمت السويد أحد مواطنيها، وهو مستشار تقني، بتمرير أسرار تجارية، منها شفرات خاصة بشركتي "سكانيا (Scania)" و "فولفو (Volvo)"، الى دبلوماسي روسي مقابل عدة آلاف من الدولارات.

إيران .. المتجسس الذبيح
تتمتع إيران بخبرة كبيرة في عمليات التجسس خارج حدودها على مستويات مختلفة، وبدأت في ممارسة أنشطة تجسس متنوعة، منها التجسس الاقتصادي، خاصة مع فرض العقوبات الغربية عليها بشكل متكرر. وتقول وكالة الاتحاد الأوروبي لأمن الشبكات والمعلومات (ENISA) إن الصين وروسيا وإيران "أشد وأنشط ثلاث قوى إلكترونية على صلة بالتجسس الاقتصادي".

ومن أيضاً؟
• فيتنام: رُصدت عدة أنشطة تجسس اقتصادي لها، حيث اتهمت شركة (BMW) قراصنة فيتناميين بمحاولة اختراق شبكاتها، وأبلغت "هيونداي (Hyundai)" و "تويوتا (Toyota)" عن أنشطة مماثلة وفق التقرير.

• كوريا الشمالية: في ظل عزلتها الاقتصادية، لا يبدو أن لديها ما تخسره عبر ممارسة التجسس الاقتصادي، وقد اتهمت باختراق شركة "أوراسكوم" المصرية 2018، والتي كانت على شراكة مع حكومة كوريا الشمالية لتقديم خدمات اتصالات.

ما الدول المستهدفة؟
الدول التكنولوجية الرائدة هي الأكثر استهدافاً من عمليات التجسس الاقتصادي، على رأسها الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان ودول الاتحاد الأوروبي، وتنضم للقائمة كل دولة صاعدة في المجال التكنولوجي، خاصة مجال الذكاء الاصطناعي، مثل الصين، والهند التي تخطو خطوات واسعة في هذا الحقل.

بم تتميز دول التجسس الاقتصادي؟
• الرقابة الحكومية: سيطرة الحكومة على مفاصل الاقتصاد في نظام استبدادي تسهل الرقابة على الأنشطة التجارية، ومن ثم القيام بأنشطة تعزز النمو الاقتصادي.

• القدرات الاستخباراتية: حيث الخبرة الاستخباراتية السابقة تُوّظف في أنشطة التجسس الاقتصادي.

• التحديات الاقتصادية: التطور السريع لاقتصادات الدول يحفزها على مخالفة المعايير الدولية لمنع التجسس الاقتصادي.

• التنافس السياسي: على رغم وجود تجسس بين الدول المتحالفة، لا يوجد أي عائق أمام الدول للتجسس على الدول المنافسة.

تم النشر بتاريخ: 3 أبريل 2021
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp