بعد انهيار الشرعية الملكية والدينية في أوروبا إبان عصر التنوير، ظهر الفيلسوف الفرنسي "جان جاك روسو" ليضع قواعد جديدة تنطلق من خلالها الفلسفة السياسية، حيث أعاد ترتيب العلاقات بين الفرد والمجتمع والدولة في كتابه الأشهر الذي صدر عام 1762 "العقد الاجتماعي".
من أين انطلق روسو؟
عارض روسو الفكرتين الشائعتين عن الفرد آنذاك، حيث رأى أن الإنسان ليس همجياً وشريراً كما قال "توماس هوبز"، كما أنه ليس اجتماعياً ومتحضراً مثلما ذهب "جون لوك"، بل هو في المنتصف تماماً بين الفكرتين، أي إنه يمتلك الفضيلة في داخله لكنه بحاجة الى نظام يساعده على الالتزام بها.
ما علاقة الفرد بالمجتمع؟
مع تعقّد أشكال الحياة بمرور الزمن، تكوّن المجتمع ليضمن للإنسان البقاء، ونشأت علاقة بين الفرد ومجتمعه تقوم على تنازل الإنسان عن نفسه وحريته لصالح المجتمع، حيث تصبح السلطة والسيادة من حق مجموع الأفراد بالكامل، وهو ما أطلق عليه روسو "الإرادة العامة".
هل الإرادة العامة إرادة الجميع أم الأغلبية؟
ليست إرادة الجميع لأنه لا يمكن أن يتفق الجميع دائماً، ولا إرادة الأغلبية التي تنفذ في لحظة بعينها فقط، بل هي إرادة المجتمع باعتباره وحدة مترابطة ممتدة عبر الزمن، حيث ينبغي للإرادة العامة أن تعبّر عن مستقبل المجتمع انطلاقاً من إرثه وماضيه مروراً بحاضره.
كيف وظّف روسو الدين سياسياً؟
رأي روسو أن المشاريع السياسية الكبرى دائماً ما كانت تفتقر الى القدرة على إقناع العامة اعتماداً على العقل وحده، لهذا كان من الضروري وجود أداة قادرة على كبح جماح الشعب دون اللجوء للعنف، حيث كان الدين هو الخيار المثالي.
هل مهّد روسو للاشتراكية؟
أرجع روسو جميع أزمات الحضارة وعيوبها الى إقرار الملكية الخاصة، ولكنه رأى أن هذا النظام أعمق من أن يزول دون حراك فوضوي مدمّر، لهذا لجأ الى الحلول الإصلاحية في السماح بالملكية الخاصة تحت رقابة المجتمع والقانون.
حقائق عن روسو
• ولد روسو في 28 يونيو عام 1712 بمدينة جنيف السويسرية لأسرة فرنسية بروتستانتية.
• عانى روسو من الفقر المدقع في شبابه، حيث قضى سنوات حداثته معتمداً على إحسان أصدقائه أو عطف رجال الدين.
• أنجب روسو خمسة أبناء أودعهم جميعاً دار الأيتام رغبة منه في الحياة الحرة، لكنه ندم على ذلك لاحقاً ندماً كبيراً.
• أُعجب الفيلسوف الألماني الكبير "إيمانويل كانط" بكتاب روسو "إميل" لدرجة أنه أبى أن يغادر بيته إلا أن يفرغ من قراءته.