السوسينية .. حركة مسيحية أنكرت ألوهية المسيح

تسببت ظهور حركة الإصلاح اللوثرية في أوروبا إبان القرن الـ16 في حدوث انشقاقات مزلزلة داخل أروقة الكنيسة الكاثوليكية، كان من بين أبرزها صعود الحركة السوسينية التي أنكرت عقيدة التثليث ودعت الى بشرية المسيح. فما قصتها؟

انطلاقة مأساوية
انطلقت الحركة السوسينية من إنكار عقيدة التثليث المسيحية التي تعتبر أن المسيح هو الله المتجسد، داعية الى بشرية المسيح باعتباره نبياً مرسلاً من الله. كان من بين أبرز المؤمنين بالدعوة السوسينية عالم اللاهوت الإسباني "ميغيل سيرفيتوس" الذي أحرقه البروتستانت حياً بأمر من "جون كالفن" أحد مؤسسي المذهب البروتستانتي.

أصل الإسم
حمل لواء الحركة السوسينية لاحقاً عالم اللاهوت الإيطالي "فاوستو سوزيني"، الذي سميت الحركة باسمه. حاربت الكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا الحركة الجديدة بعنف شديد دفع أعضاءها الى الانتقال الى بولندا، التي اتخذوها مركزاً لدعوتهم الجديدة.

النص المؤسس
وضع "سوزيني" كتاب "الكاتشيزم الراكوفي" أو التعليم المسيحي الراكوفي نسبة الى مدينة راكوف البولندية التي كانت مركزاً للدعوة السوسينية، ليكون بمنزلة النص المؤسس للعقيدة الجديدة. حاول "سوزيني" في كتابه التدليل على الحجج المستندة إليها الدعوة السوسينية، بالإضافة الى محاولة التوفيق بين الفرق المتنازعة داخل أروقة الحركة.

مرحلة الانتشار
اعتمدت الدعوة السوسينية في التبشير على المدارس والمؤسسات الكنسية والمطابع، بعكس الأسلوب الكاثوليكي الذي اعتمد على الفتوحات السياسية. انتشرت العقيدة السوسينية في رومانيا وألمانيا وهولندا، كما بلغت حدود إنجلترا في بداية القرن السابع عشر. اعتنق العقيدة السوسينية العديد من الشخصيات الإنجليزية المرموقة، مثل الأديب "جون مالتون"، والفيلسوف "جون لوك".

الطريق الى الهاوية
صوّت البرلمان البريطاني على مصادرة وحرق جميع النسخ المتداولة لكتاب "الكاتشيزم الراكوفي". تعرّض السوسينيون الى اضطهاد ممنهج في أوروبا بداية من ثلاثينات القرن الـ17، وخُيّروا بين قبول الكاثوليكية أو النفي. نُفي السوسينيون الى أطراف أوروبا وهُزمت العقيدة السوسينية في بولندا عقر دارها، ولم يتبق منها اليوم إلا ما يُعرف بالكنيسة التوحيدية في أميركا وكندا.

تم النشر بتاريخ: 1 يونيو 2023
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp