ساهم معنا
نبذة تاريخية عن صناعة العطور في العالم

"البوماندر" لإخفاء رائحة الموت
حققت العطور الكحولية التي نعرفها اليوم نجاحاً باهراً في أوروبا خلال القرن 17، وانتشرت بشكل كبير -لا سيما في فرنسا- نظراً لانعدام النظافة في تلك الفترة. كما أن انتشار الأوبئة بين القرنين 14 و 17، زاد من حدة الروائح الكريهة المزكمة للأنوف خاصة في فترة تفشي الطاعون. لقد تسبب الواء في وفاة الآلاف، وفاحت رائحة كريهة في الشوارع تشبه رائحة اللحوم المتعفنة، وظن الناس أن الرائحة هي مصدر المرض، فكانوا يستنشقون حبات البرتقال مع القرنفل، والتي كانت تُعرف باسم "البوماندر"، بهدف التغطية على الرائحة الكريهة.

الاستحمام مضر .. اعتقاد زاد الطين بلة
في بدايات القرن الـ15، كان الأوروبيون يعتقدون أن الاستحمام بالماء ضار بالجسد والروح، وطيلة خمسة قرون ظلوا يمتنعون عن الاستحمام ويتعايشون مع القذارة. ووفقاً لمقال على موقع جامعة "مكغيل" الكندية، فقد كانت جميع الأماكن العامة في إنجلترا تُعطر خلال فترة حكم الملكين "هنري الثالث" و"إليزابيث الأولي" في أواخر القرن الـ16، لأنهما لم يستطيعا تحمل الروائح الكريهة.

أول عطر كحولي للملكة إليزابيث ملكة المجر
قبل ذلك بقرون، وتحديداً في عام 1370، صُنع أول عطر كحولي للملكة "إليزابيث" ملكة المجر، باستخدام إكليل الجبل والكحول بغية إخفاء روائح الجسم السيئة. وبهذا، أصبحت العطور مقتصرة على الأرستقراطيين والملوك. إلا أنه خلال القرن 17، انتشر استخدام العطور بشكل واسع بين شرائح مختلفة من المجتمع. صحيح أن العطور الكحولية في شكلها الحالي اشتهرت بسبب مشكلة انعدام النظافة الشخصية في أوروبا خلال القرون الوسطى، ولكن تاريخ استخدام الروائح الطيبة أقدم من ذلك.

التطيب بالروائح الزكية عادة قديمة جداً
المعلومات التي قرأتها حتى الآن لا تعني أن فكرة العطر نشأت في القرن الـ14 في أوروبا، فهذا ليس صحيحاً، لأن الحضارات القديمة مثل الفراعنة والبابليين واليونانيين كانوا قبل آلاف السنين يحرقون الأخشاب العطرية ويستخدمونها كبخور في طقوسهم الدينية. كما كانوا يدهنون بشرتهم بالزيوت العطرية للتطيب، لكن لم تشر المصادر الى شيوع هذا الاستخدام أو ارتباطه بقلة النظافة.

صناعة العطور في الحضارة الإسلامية
في الإسلام تعد الطهارة بالماء شرطاً أساسياً من شروط الإيمان، ويحث الإسلام بشدة في القرآن الكريم والسنة النبوية على النظافة والتطيب. وقد كان هذا دافعاً حقيقياً لتتطور صناعات كيميائية بأكملها بين القرنين 8 و 14 الميلاديين، مثل صناعة الصابون وصناعة العطور. وقد اشتهرت صناعة العطور بصفة خاصة في دمشق وشيراز بإيران، حيث كانت العطور تستخرج من الورد الأحمر، ثم تصدر الى دول أخرى.

عطور اليوم .. الفضل يرجع للعرب
حسب مقال في موقع جامعة "مكغيل" الكندية يشير الى أن تطوير العرب لتقنية التقطير هو ما جعل من صناعة العطور أمراً ممكناً. يُعرف التقطير بأنه تقنية كيميائية تقوم على فصل المواد عن بعضها باختلاف درجات غليانها، ثم تكثيفها والحصول على المادة الخام التي نريدها، وقد اكتشف الكيميائي المسلم "جابر بن حيان" هذه الطريقة في القرن الـ8 الميلادي، وتعتبر عملية التقطير أساسية في صناعة العطور اليوم.

تم النشر بتاريخ: 28 أغسطس 2023
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp