عرف الجميع حنة آرنت بأنها فيلسوفة الفكر السياسي المعاصر، وهو أمر صحيح بفعل ما أنتجته من كتب ومؤلفات تأسيسية في فهم الشمولية والسلطة والدولة والخير والشر، لكن لها كتابات مهمة عن "الحب"، أحد أبرزها أطروحتها المعنونة بـ"الحب والقديس أوغسطين" رغم أنها أول مخطوطة كتابية لآرنت، حيث كانت أطروحتها للدكتوراه عام 1929. فما الذي تخبرنا به آرنت عن "الحب"؟
ما المقصود بالاحتراس من الحب؟
كتب القديس أوغسطين: "أحب، لكن احترس مما تحب"، فما المقصود بالاحتراس؟. بوعي منا أو بدون وعي، نكون مستعدين لمواجهة الرغبات التي تحرك حياتنا رغم أنها قد تقودنا الى اليأس، فالحب الذي يقود الى اليأس على المرء أن يحذر منه ويتجنبه بالعقل والحكمة اللذين يجعلان الحب مرتبطاً بقيد المعرفة الذي يحميها من الانزلاق في شرك اللذة.
ما علاقة السياسة بالحب؟
إن اهتمامي بفلسفة أوغسطين وأهميتها قادني الى إدراك أهمية السياسة لا تنفصل عن أعمق منبع للحب، والمتمثل في "الحب الشخصي"، حيث لا يمكن إغفال بأن اعترافات أوغسطين تحركها تجربته مع "الحب الشخصي"، التي تنعكس في ثقافتنا ومجتمعنا وهياكل حياتنا.
هل يعد الحب خيراً أم شراً؟
الحب هو نوع من الحركة، وكل حركة تكون تجاه شيء ما، وما يحدد حركة الرغبة دائماً ما يتم تقديمه سلفاً، فشغفنا يرنو نحو عالم نعرفه، وعادة ما يكون الشيء الذي نعرفه ونرغب فيه "خيراً"، وإلا فإننا لن نسعى إليه، هذا الخير لا نرغب في تملكه، وذلك لبقائه فينا؛ حتى لا تنتهي الرغبة في داخلنا.
كيف تصبح خسارة الحب تهديداً؟
إذا كنا مهددين بخسارة الحب، فالرغبة تتحول الى خوف من الخسارة. كسعي وراء خير معين بدلاً من الأشياء بشكل عشوائي، فالرغبة هي مزيج بين "الإقدام" و "التراجع". إنها تشير الى الفرد الذي يعرف الخير والشر في العالم ويسعى للعيش بسعادة، الحب هو إمكانية الإنسان لامتلاك الخير الذي سيجعله سعيداً، وخسارته بذلك تتحول الى تهديد وجودي.
هل الحب قائم على التملك؟
يتحول الحب القائم على التملك حتماً الى خوف (الخوف من خسارة ما تم اكتسابه)، ما دمنا نرغب في أشياء فانية، فنحن دائماً تحت تهديد خوف خسارته، وهو الأمر المتوافق دائماً مع رغبتنا في تملكه، نحن ملتزمون دائماً بالرغبة والخوف في مستقبل مليء بالشكوك، ونجرد كل لحظة حاضرة من هدوئها وأهميتها، فالتملك بدمر حسّنا في فهم حكمة الحياة.