من أمهات كتب الأدب العربي التراثية، لكنه نسخة مترجمة ومطوّرة عن كتاب أُلّف في الهند وانتشر في بلاد الفرس ثم ترجم الى العربية وزيد عليه من قصص التراث العربي، ليقرأه العامة والعلماء والفلاسفة ويجعله الخلفاء والوزراء العباسيون الكتاب المقدّم في تعليم السياسة والحكمة. فما قصة هذا الكتاب؟
الحكمة والسياسة على لسان الحيوان
تعود قصة الكتاب الى الهند في القرن الخامس الميلادي، يأتي الحكيم والفيلسوف"بيدبا" لنصح الملك الهندي "دابشليم" وردعه عن الظلم، فيأمر الملك بسجنه ثم يُطلق سراحه ويأمره بتأليف كتاب عن الحكمة والسياسة بطريقة مسلية، ويؤلف الحكيم كتاب "كليلة ودمنة" ويُعجب الملك به ويضعه في مكان سري، ولكن ذكره يطير حتى يصل بلاد الفرس.
رحلة سنوات لسرقة الكتاب
في أوائل القرن السادس كان "كسرى أنوشروان" ملكاً على عرش الفرس، وكان مولعاً بالأدب والحكمة، وعندما يسمع بالكتاب يقرر أنه سيحصل عليه، فيرسل الطبيب والحكيم "برزويه" للمهمة، يصل "برزويه" للهند ويبدأ بالاختلاط بالأوساط الثقافية الهندية لسنوات طويلة حتى يصل الى شخص يوصله الى الكتاب فينسخه ويهرب الى بلاده.
"كليلة ودمنة" في بلاد العرب
يظهر الإسلام وينتشر من بلاد العرب الى بلاد الفرس وتدخل الشعوب الإسلام وتختلط الثقافات، وفي عام 750م يقرر الأديب الفارسي الأصل عبدالله بن المقفع ترجمة الكتاب الى العربية، ولكن بما يتوافق مع مبادئ الإسلام، فيترجم النسخة الفارسية ويضيف عليها قصصاً من وحي الأدب العربي، ويبدأ الكتاب بالانتشار في الأوساط الثقافية الإسلامية.
يدمن قراءته الخلفاء والعامة
كتب الحكيم الهندي كتابه على لسان الحيوانات، حيث تدور بينهم قصص تحمل في طياتها الحكمة للمتأمل والتسلية للقارئ العادي، وهذا ما جعله ينتشر بين الناس ويصبح واحداً من أمهات الكتب التراثية، ليدمن قراءته الخلفاء والعامة، وليترجم فيما بعد من العربية الى عدد كبير من اللغات العالمية.