ساهم معنا
ما هي سياحة الحروب؟

ما هي سياحة الحرب؟
هي السفر الى مناطق مرتبطة بالحرب بغرض الترفيه، وليس للعمل أو لمهمات أخرى (إنسانية مثلاً)، سواء كانت هذه المناطق قد شهدت حروباً سابقة، أو ما زالت تعاني من آثار الحرب، أو تعيش حرباً مستمرة، وهناك من يرى في هذه الحالة الأخيرة التعريف الحقيقي لهذا النوع من السياحة. وقد تشمل أماكن الحروب السابقة المتاحف والمقابر ومعسكرات الاعتقال وساحات الإعدام، لكن النوع الخطر هو الذي يشمل مناطق الحرب النشطة حالياً. وهناك من يطلق على هذا النوع من السياحة اسم "السياحة السوداء"، مع أنه يشمل السياحة التي تهدف للتعرف على آثار الكوارث المناخية.

كيف ظهرت؟
بدأت سياحة الحروب منذ مدة طويلة، وكان هدفها في البداية منحصراً على معرفة واقع المدن بعد نهاية الحروب، أو بعد توقف القتال بشكل مؤقت في رقعة ما، بينما الحرب لا تزال جارية في مناطق أخرى. وكانت الدوافع هي الفضول المرضي، أو الرغبة في معرفة معاناة الناس بسبب الحرب، لا سيما أن الزيارة قد تكون في وقت لا تزال فيه الخسائر البشرية مكتشفة للتو. لاحقاً تطورت سياحة الحروب لتكون لها أهداف تعليمية، وشملت زيارات من طلبة وباحثين لمناطق الحروب السابقة، بغرض تأريخ هذه الأحداث، ومصالحة الأجيال القادمة مع التاريخ، كما تفعل ألمانيا التي تجري زيارات للتلاميذ الى متاحف الهولوكوست. لكن لاحقاً، أخذت سياحة الحرب منحنى مرعباً، تسبب بمقتل سياح كُثر. فكيف ذلك؟

عصر التواصل الاجتماعي وهوس التفاعل
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، والرغبة في رفع عدد المشاهدات والتفاعل، يمارس بعض صناع المحتوى ممارسات مسيئة أثناء سفرهم الى مناطق الحروب. ومن ذلك خرق قوانين تلك المناطق ودخول المساحات الممنوعة، أو الاستخفاف بذكرى الفظائع الإنسانية، وحتى اصطناع الحزن وسط المقابر الجماعية، بغرض استدرار تعاطف المشاهدين. لكن هذا الأمر لم يبدأ فقط مع منصات التواصل الاجتماعي، فهناك أيضاً دافع الفضول المرضي، والرغبة في اكتشاف المجهول الذي قد يسبب لصاحبه متاعب كبيرة.

سياح يُقتلون
في شهر مايو 2024، قُتل ثلاثة سياح إسبان في أفغانستان، وتحديداً في إقليم باميان، خلال هجوم تبناه تنظيم الدولة الإسلامية، وكان يستهدف السياح تحديداً، لكن ثلاثة أفغان قُتلوا كذلك. وفي عام 2015، اعتُقل الأمريكي "أوتو وارمبير" في كوريا الشمالية، واتهم بسرقة ملصق من جدار فندق، واحتُجز مدة 17 شهراً، ثم أُطلق سراحه وهو في غيبوبة، وتوفي بعد عامين. وقد قالت سلطات كوريا الشمالية إنه تعرض لتسمم أثناء احتجازه، أما عائلته فتقول إن دماغه أصيب بأضرار بسبب التعذيب.

مجزرة في أوغندا
في عام 1999، اختُطف 17 سائحاً من ثلاثة مواقع في متنزه "بويندي" الوطني بجنوب غرب أوغندا، من طرف متمردين روانديين، وقد أُطلق سراح بعضهم، لكن تسعة منهم قتلوا، وهم أربعة بريطانيين وأمريكيان ونيوزيلنديان وأوغنديان. صرّح أحد الناجين للصحفيين بأن مناجم ضخمة استخدمت في عمليات الإعدام، كما هشّم المتمردون رؤوس الرهائن. ومن بين الضحايا 4 نساء، اغتصبت إحداهن قبل قتلها. وكانت الدوائر الحكومية تنصح بتجنب زيارة هذه المناطق، لكن سحرها كان مغرياً، لأنها موطن الغوريلا التي ظهرت في عدة أفلام. كانت عمليات الإعدام تهدف الى إرسال رسائل للغرب بعدم التعامل مع حكومة رواندا الجديدة التي تتزعمها مجموعة "التوتسي"، وأما القتلة فكانوا من مجموعة "الهوتو" التي تسببت بالإبادة الجماعية في رواندا.

مغامرة غير محسوبة العواقب
تسبب صانع المحتوى البريطاني "مايلز روتليدج" بمتاعب كبيرة لسلطات بلاده، فقد سافر الى أفغانستان قبل أسابيع معدودة من استيلاء طالبان على السلطة عام 2021، بعدما علم من الأخبار من الأخبار أن طالبان تتجه للسيطرة على العاصمة كابل. ولم يكد ينجو لولا أنه تنكر في زي امرأة تضع البرقع، وعاد الى بلاده. وقد أعاد الكرة مرة ثانية في العام الموالي 2022، ثم ثالثة في عام 2023، وكان غرضه ربحياً بالأساس، فقد اشتهر في العالم وألّف كتباً عن الرحلة، لكن في المرة الأخيرة اعتقلته سلطات طالبان، ولم يطلق سراحه إلا بعد مرور تسعة أشهر، إثر تدخل الحكومة البريطانية. لكن مع ذلك قال "مايلز" في فيديوهاته إنه كان يعيش الرفاهية في السجن، بل إن طالبان وفرت له عدداً من الخدم، وإنه بنى علاقات جيدة في أفغانستان، وسيعود إليها للمتاجرة في الذهب.

أهداف سياسية
هناك هيئان معينة تشجع أحياناً على سياحة الحروب لأهداف سياسية، كما وقع في أوكرانيا خلال الأشهر الأولى. فبسبب الحرب الروسية على هذا البلد، اقترحت وكالة السياحة الحكومية جولات للسياح في مناطق أوكرانية متضررة، والهدف هو "زيادة الوعي العالمي بمأساة أوكرانيا"، مستلهمة الفكرة من زيارات أشرفت عليها الحكومة الأوكرانية لمسؤولين ومشاهير أجانب. ومع أن عائدات هذه السياحة موجهة للضحايا، فإن الفكرة قد انتُقدت بحكم أنها لا تحترم ضحايا الحرب، وأن أوكرانيا حالياً غير مستعدة لسياحة بهدف الترفيه وهي لا تزال في أوج الحرب. فقررت السلطات في النهاية التراجع عن الفكرة.

تم النشر بتاريخ: 1 ديسمبر 2024
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp