لجأت إليها الجيوش منذ القدم وما زالت…
مارست الجيوش منذ القدم أساليب الحرب النفسية في الحروب، بدءا من استخدام الفيلة لبث الرعب، إلى أساليب المغول والإنجليز في الحرب العالمية الأولى، إلى ممارسات الجيش الأمريكي في فيتنام وأفغانستان والعراق، ثم جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. وقد اطلعنا على وثيقة صادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية عام 2003، تكشف بعض الأساليب التي يعتمدها الجيش الأمريكي. فما هي؟
أولا: إسقاط المنشورات
يعد إسقاط المنشورات من أساليب الحرب النفسية التي يجب أن تخطط لها الوحدات العسكرية، لكونها وسيلة رئيسية لنقل الدعاية والرسائل النفسية للجمهور المستهدف، وتجب مراعاة استخدام الألوان والأشكال واللغة بطريقة تناسب بيئة الجمهور العدو. فمثلاً اللون الأحمر في البلدان الشيوعية يعني الولاء، واللون الأخضر في البلاد الإسلامية دلالة على الإيمان ويمكن إسقاط هذه المنشورات من خلال البالونات أو الطائرات بدون طيار والمروحيات.
زعزعة ثقة المدنيين والجنود
منذ الحرب العالمية الأولى حتى اليوم، كان إسقاط المنشورات يهدف لإحباط معنويات المدنيين، وزعزعة ثقتهم بقيادتهم، وإقناعهم بأنه لا أمل لديهم بالانتصار، وتشجيعهم على الاستسلام. ومن أهدافها أيضا محاولة بناء ثقة بين الناس والغزاة بإيهامهم أن القوة الغازية تسعى لتحقيق مصلحتهم، ولطالما استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي هذا الأسلوب ضد الشعب الفلسطيني. ومن الأمثلة التاريخية على استخدام المنشورات، ما حدث خلال الحرب العالمية الأولى، فقد اتخذها الجيش البريطاني وسيلة لإضعاف معنويات الجنود الألمان، مركزا على إقناعهم بأن جهودهم بلا جدوى.
ثانيا: غرس الخوف من الموت في نفس الطرف المقابل
شكل الاعتماد على تأجيج عاطفة الخوف عند الناس، أسلوبا نفسيا فعالا لخفض معنويات الطرف المقابل، وذلك باستخدام مكبرات الصوت وبث رسائل الاستسلام والتهديد، واتباع سياسة الحصار واستهداف القوات المحاصرة.
ثالثا: تقديم المساعدات الإنسانية
لطالما استغلت الجيوش حاجات عدوها الإنسانية من مأكل ومشرب ومأوى، ثم اتخذتها مصدر خوف وقلق للتأثير على الناس. فتجعل المساعدات ورقة ضغط على المدنيين، لكسب ثقتهم وزعزعة إيمانهم بقيادتهم، إضافة إلى مساعدة النازحين من الحروب، والمشاركة في إدارة المخيمات.
رابعا: مبدأ "أهون الشرين"
لا بد من إقناع الطرف المستهدف بأن الخيارات المتخذة هي الأنسب له، مع أنها غير مرغوب بها، ولكنها أفضل الشرور. وهذا أحد الأساليب التي تستخدمها الجيوش، لإشعار الناس بأن جهودهم لا جدوى منها، وأن عليهم قبول الوضع الحالي، لأن البدائل الأخرى ستكون أسوأ، وبذلك تضعف معنويات الناس.
خامسا: التحكم بتدفق المعلومات
يمكن التحكم بتدفق المعلومات، من خلال منظومة متكاملة من الأساليب والوسائل التقنية والإجراءات، وتشمل هذه المنظومة تقييد حركة الصحفيين والتحكم في تغطيتهم الإعلامية والتشويش على وسائل الإعلام المعادية. وتهدف هذه الأساليب إلى التحكم في المعلومات المتداولة وحماية المعلومات التي تصنف "حساسة"، وبذلك يمكن التحكم في توجيه الرأي العام.
أهمية الوعي بأساليب الحرب النفسية
لا تشمل هذه الأمثلة كل أساليب الحرب النفسية، فهي كثيرة لكنها جميعا ذات هدف واحد، ألا وهو تحطيم معنويات الطرف المقابل، وكسب ولائه أحيانا، وتغيير سلوكه. وتتفق الدراسات على أن الوعي بأساليب الحرب النفسية وملاحظة آثارها يعد من أهم الخطوات التي تمكن المستهدفين من التعامل معها تعاملا سليما، كما أن الوعي بها يقلل فعالية تأثيرها عليهم.