كيف يقتلنا التوتر ببطء؟

أضحت الضغوط جزءا من حياتنا اليومية، لكن كيفية التعامل معها تصنع الفرق، فبعض الناس يستطيعون مجاراتها، لكن كثيرين يواجهونها بالتوتر الزائد، فيفتحون الباب الأمراض خطيرة تهدد حياتهم وتقتلهم ببطء. لا بأس بقليل من التوتر لتحفيزك على المضي قدما وتحسين أداء ما بيدك من مهام وأعمال، لكن الإفراط فيه يدمر صحتك وأنت لا تشعر. فكيف يحدث ذلك؟

بطء في تدفق الدم
يترتب على الإجهاد والتوتر تفريغ السكر والدهون في الدم لتوفير طاقة فورية لمواجهة ما يجهدنا، فتزداد معدلات ضربات القلب لتسريع الدورة الدموية، مما يعني ارتفاعا في ضغط الدم. وإذا كان التوتر مزمنا، فإن ضغط الدم يستمر، وقد يتسبب بتلف الأوعية الدموية كأن تصير ضيقة، وفي المقابل، فإن السكر والدهون يجعلان الدم لزجا. قد تحدث الكارثة بسبب كل ما ذكر، لا سيما إذا أصبح تدفق الدم بطيئا جدا، أو لم يعد يصل إلى عضو مثل القلب أو الدماغ.

خطر النوبة القلبية
يجب أن نعرف أن الكارثة تتعلق أساسا بالإصابة بنوبة قلبية مميتة، وهي لا تحدث بسبب التوتر المزمن وحده، بل إن الإجهاد الحاد قصير المدى يمكن أن يسببها. ويتضاعف خطر الإصابة عندما يرتبط التوتر بحالة عاطفية قوية كالغضب أو الصدمة، وهو ما يزيد احتمال الإصابة بنوبة قلبية خلال الساعتين التاليتين.

نقص المناعة
التوتر من أهم أسباب نقص المناعة، وحين يصيبنا توتر خفيف يتحسن الجهاز المناعي مؤقتا، حتى يغذي حاجة الجسم لمقاومة الإجهاد، لكنه عندما يستمر يتسبب بكبت الجهاز المناعي، حتى يبلغ مستواه الطبيعي قبل الإجهاد، مما يعني القابلية للأمراض. بعض أنواع الإجهاد قد يؤدي إلى تحفيز الجهاز المناعي تحفيزا مفرطا، وقد يسبب ذلك أمراضا مناعية ذاتية، بسبب أن الجسم يهاجم خلاياه السليمة. وهذا يفسر سهولة إصابتنا بالأمراض عندما نكون تحت الضغط.

التوتر والعقم
من نتائج التوتر الوخيمة تأثيره سلبا على الخصوبة، وقد يصيب بالعقم، بسبب تثبيط المواد الكيميائية الأساسية مثل الهرمون المنبه للجريب (FSH)، وكذلك الهرمون المنشط للجسم الأصفر، ووظيفتهما تنشيط فعالية المبيض لدى النساء، وفعالية الخصيتين لدى الرجال. كان يفترض سابقا أن تأثير التوتر على الخصوبة يخص المرأة، لكن دراسات حديثة أثبتت أن الرجال الذين يجدون مستوى مرتفعا من القلق، تظهر حيواناتهم المئوية مشوهة لدى فحصها بالمجهر، كما أنها أقل قدرة على الحركة.

التوتر والشيخوخة
يرتبط التوتر كذلك بتسريع الشيخوخة، فهو يرفع الهرمونات القشرية السكرية، وأشهرها "الكورتيزول"، فيسبب أضرارا في الغدة الكظرية والكلى والنظام المناعي والجهاز الهضمي، وذلك في حالة التوتر المزمن. والأخطر هو شيخوخة الدماغ، حين يصل التأثير السلبي إلى المناطق الدماغية المرتبطة بالقدرات المعرفية والحسية مثل الذاكرة، واتخاذ القرار، وتعدد المهام، والتفكير المرن، والقدرة على الاستجابة.

أعراض متعددة
هناك علامات كثيرة على أنك تعاني من التوتر المتوسط المدى أو المزمن، منها آلام الظهر، والشد العضلي الذي ليس له سبب مباشر، وانخفاض الطاقة، وصعوبة التركيز. ومن الأعراض الشائعة أيضا ارتفاع ضغط الدم، والصعوبة في التنفس، وتراجع الشهية، وصعوبة التحكم في العواطف، وتكرر نزلات البرد، وانخفاض الرغبة الجنسية، والاضطرابات في النوم وبعض مشاكل الجهاز الهضمي.

حلول لمواجهة التوتر
حسب الخبراء، لا علاج للتوتر أفضل من الاسترخاء والهدوء وعدم القسوة على النفس، مع محاولة التخلي عن ما يجهدك، أو حسن إدارته على الأقل، والترفيه عن نفسك بما يجلب لك الفرح. كما ينصح بقضاء أوقات خارج المنزل، وممارسة الرياضة، والاستمتاع بالموسيقى، والكتابة أو الرسم، وكل ما يعطي لنفسك فسحة، مع الاهتمام خصوصا بالجانب الروحي، واعلم أن الصحة هي رأس مالك، فلا تفرط فيها.

تم النشر بتاريخ: 16 فبراير 2025
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp