مشروع ليس كغيره من المشاريع، أركع دول المحور في الحرب العالمية الثانية لتعلن استسلاماً غير مشروط لدول الحلفاء، وترسم بذلك ملامح العالم الجديد بعد توزيع الكعكة الدولية بمعيار واحد فقط هو معيار القوة، الجميع تسابق إليها وكان بعضهم قاب قوسين أو أدنى لكن الغلبة كانت لمن سبق. الولايات المتحدة أول دولة صنعت قنبلة نووية وأول دولة استخدمتها بفضل هذا المشروع، مشروع مانهاتن.
القصة بدأت عام 1905 مع توصل العالم الألماني "ألبرت آينشتاين" الى نظرية جديدة وصادمة مفادها أن الطاقة والكتلة هما شيء واحد وبالتالي يمكن للكتلة أن تتحول لطاقة والعكس صحيح. في السنوات التالية جندت حكومات دول بأكملها مختبرات وعلماء بهدف استخراج الطاقة من الكتلة والحصول على مصدر قوي لا يضاهيه أي مصدر آخر في الوجود، حتى نجح عالم الفيزياء المجري "ليو زيلارد" وهو واحد من طلبة آينشتاين بحل اللغز عام 1939 حيث تمكن من شطر ذرة اليورانيوم وتفاجأ بالطاقة المهولة التي نتجت عنها. زيلارد هرب من النازيين، خشي أن يصل اكتشافه الى ألمانيا وتنجح بصنع قنبلة نووية قبل خصومها في الحرب العالمية الثانية خاصة أنها كانت قد أوقفت تصدير اليورانيوم وكانت تعمل على مشروع كهذا بسرية تامة، ولخوف آينشتاين وزيلارد من أن يضع أدولف هتلر يده على سلاح خطير كهذا، نقلا قلقهما للرئيس الأميركي آنذاك فرانكلين روزفلت في رسالة "آينشتاين - زيلارد" الشهيرة التي كانت سبباً بولادة مشروع مانهاتن.
المشروع بدأ متواضعاً بعدد موظفين قليل بتكلفة منخفضة، لكن مع الوقت جند أكثر من 130 ألف موظف وتجاوزت تكلفته ملياري دولار أي ما يعادل اليوم 25 مليار دولار تقريباً، خُصص حوالي 90% منها لبناء المصانع وإنتاج المواد الانشطارية و10% المتبقية كانت لتطوير الأسلحة وإنتاجها. أميركا حصلت على معظم مخزونها من اليورانيوم من ولاية كولورادو وكندا والكونغو، وكلّفت الجنرال "ليزلي غروس" بقيادة المشروع وعينت الفيزيائي الألماني "روبرت أوبنهايمر" مديراً على مختبر "لوس آلاموس" حيث تمت العملية. التجارب والأبحاث دامت لسنوات وأسفرت عن إنتاج 4 قنابل نووية استخدمت اثنتان منها أثناء الحرب العالمية الثانية، حملتا اسم "الولد الصغير" و "الرجل البدين" كلّف إنتاج كل واحدة منهما 500 مليون دولار بسعر الصرف لعام 1945، أُلقيتا على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان وتسببتا بإبادة المدينتين وقتل أكثر من 200 ألف شخص، أميركا بذلك كسبت الحرب لكن الكثير من العلماء ندموا على ما حدث وعلى رأسهم آينشتاين.
مشروع مانهاتن كان اللبنة الأولى لسباق تسلح نووي خطير، وصل حصاده اليوم الى أكثر من 13 ألف رأس حربي نووي وهي كمية كفيلة بتدمير كوكبنا كاملاً بلمح البصر.