عام 536 .. أسوأ عام في التاريخ
جميعنا شهد سنوات صعبة في حياته، حلّت فيها كوارث طبيعية أو اندلعت فيها معارك وحروب أو ربما انتشرت فيها الأمراض والأوبئة، وعادة تحل الكوارث الكبرى في بقعة جغرافية محددة وتطال بعض البشر. لكن في ذلك العام الكارثة طالت الجميع وعمت نصف الأرض تقريباً، أنه عام 536م، أسوأ عام في التاريخ.
في يوم الثلاثاء من عام 536، كانت بداية اسوأ عام شهدته البشرية حيث سيطر ظلام غامض على أوروبا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا، وحُجب نور الشمس عن تلك المناطق شهر تلو الآخر لم يبصر فيها من عاصر تلك الحقبة ضوء الشمس، درجات الحرارة انخفضت وفسدت المحاصيل وانتشرت المجاعة والمرض في معظم أرجاء نصف الكرة الشمالية. الباحثون توصلوا لاحقاً الى أن سبب الظلام الغامض كان ثوران بركان في آيسلندا الذي تسبب بإطلاق ملايين الأطنان من الدخان في الغلاف الجوي، وحجب ضوء الشمس لمدة وصلت الى 18 شهراً.
الثوران البركاني لم يكن المشكلة الوحيدة في ذلك العام، فالإمبراطورية البيزنطية واصلت تحركاتها العسكرية رغم الظلام السائد، وبدأت صيف ذلك العام بحربها القوطية التي دامت 19 عاماً. أما أوروبا فقد عانت من مجاعة شديدة بعد أن أتلف الثوران البركاني المحاصيل الزراعية ولم يتمكن السكان من الزراعة أو الحصاد في الأشهر اللاحقة. أما آسيا وتحديداً المناطق المجاورة للصين فقد شهدت تساقط كميات هائلة من الثلوج في فصل الصيف وأخّرت بدورها موسم الحصاد وأدت لتدهور المحاصيل. آثار الكارثة البركانية هذه بقيت محفوظة كل تلك السنوات في سجلات الجليد، العلماء تمكنوا من العثور عليها عام 2018 عن طريق تحليل لب الجليد لمهر كول جنيفيني الجليدي الواقع على الحدود الإيطالية السويسرية، الرماد البركاني الذي تطاير والحطام الناتج اندمجا مع طبقة الجليد وقدّما معلومات وافية عن الكارثة.
رغم كل الأهوال التي حدثت عام 536، هناك بعض المؤرخين يصنفون سنوات أخرى على أنها الأسوأ تاريخياً، إحداها سنة 1347 عندما ضرب مرض الطاعون الأسود القارة الأوروبية وأودى بحياة حوالي 50 مليون شخص، وعام 1918 التي بدأت فيها جائحة الإنفلونزا وراح ضحيتها حوالي 100 مليون شخص.