مذبحة أندونيسيا المنسية
شهدت إندونيسيا خلال الفترة ما بين عامي 1965 و1965 مجموعة من أبشع عمليات الإبادة في التاريخ الحديث باسم القضاء على الشيوعية، فيما تشير عدة دلائل الى تورط عدة قوى غربية عظمى في تأييد تلك المذابح، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
أجواء ما قبل المذابح .. انقسامات وانحيازات
• كان "أحمد سوكارنو" أول رئيس للجمهورية الإندونيسية معادياً للديمقراطية البرلمانية، ويعتبرها زرعاً أجنبياً غربياً في الثقافة الإندونيسية.
• انقسمت البلاد في عهد سوكارنو بين عدة قوى تتصارع على النفوذ، أبرزهم الجيش الإندونيسي، والأحزاب القومية الإسلامية وميليشياتها، بالإضافة للقوة الأكبر وقتها ألا وهو الحزب الشيوعي الإندونيسي (بي كيه آي).
• وضع سوكارنو نظاما قائماً على الديمقراطية الموجهة، وكان ينحاز بوضوح الى اليسار والحزب الشيوعي.
مخاوف غربية من الحزب الشيوعي الإندونيسي
• كان الحزب الشيوعي الإندونيسي (بي كي آي) خلال عهد سوكارنو هو ثالث أكبر حزب شيوعي في العالم، بعدد أعضاء بلغ 3.5 مليون إندونيسي تقريباً، بالإضافة الى 20 مليون شخص ينتمون الى منظمات مواليه للحزب.
• كانت إندونيسيا وقت الحرب الباردة محط اهتمام كل من الولايات المتحدة والصين والاتحاد السوفييتي، ففي حين كان رئيس البلاد أحمد سوكارنو يتلقى دعماً من المعسكر الشيوعي، كانت إنجلترا والولايات المتحدة تخشيان من تحول إندونيسيا الى دولة شيوعية.
كيف بدأت المذابح ضد الشيوعين؟
• بدأت المذبحة في الأول من أكتوبر عام 1965، حين قتل مجموعة ضباط شباب في الجيش الإندونيسي ستة جنرالات.
• أعلن قادة الجيش المتبقون، بقيادة الجنرال سوهارتو، أن أعمال القتل كانت جزءاً من محاولة انقلاب مدعومة شيوعياً، لتبدأ بعدها سلسلة من عمليات الاحتجاز التعسفى والاستجواب والتعذيب والقتل الجماعي والنفي السياسي.
• أُطيح بحكومة الرئيس سوكارنو ضمن الهجمة، واستأثر سوهارتو والجيش الإندونيسي بالسلطة.
حصاد حملات الإبادة ضد الشيوعيين
• بعد ستة أشهر، قدّر عدد القتلى من 500 ألف الى مليون شخص تقريباً، بالإضافة الى مليون آخرين إما احتجزوا تعسفياً، وإما شحنوا الى مستعمرات عقابية ومعسكرات عمل.
• وُصفت الحملة من قبل مؤرخين بأنها "واحدة من أكبر وأسرع عمليات القتل والاحتجاز الجماعية في القرن العشرين، ومع ذلك أقلّها بحثاً".
كيف دعمت الولايات المتحدة إبادة الشيوعيين
لا توجد أدلة دامغة تؤكد على وجود دعم غربي لمذابح الجيش الإندونيسي إبان الحرب الباردة، إلا أن عدة تصريحات ووقائع تبرز مدى ترحيب الولايات المتحدة وبريطانيا بممارسات الجيش ضد الشيوعيين في إندونيسيا.
أشار "جيفري بي روبنسون" مؤلف كتاب "موسم القتل - تاريخ المذابح الإندونيسية 1965 - 1966"، الى أن عدة مسؤولين أمريكيين كانوا ينظرون الى الجيش الإندونيسي بصفته القوة الوحيدة في البلاد القادرة على محو الحزب الشيوعي، وأن واشنطن يجب أن توفر الدعم للجيش.
كيف أصبحت المذبحة منسية؟
• خبأت الحكومة الأمريكية لعقود متتالية طلبات برفع السرية عن وثائق ذات صلة بالمذابح الإندونيسية، قبل أن تنشر 50 ألف صفحة عام 2017.
• رفعت الصين السرية جزئياً عام 2008 عن بعض أوراق وزارة الخارجية لهذه الفترة في تاريخ إندونيسيا، قبل أن تُعيد بعضها للسرية مرة أخرى عام 2018.
• لم تؤد استقالة سوهارتو -الجنرال الذي قاد المذابح- من الرئاسة عام 1998 الى أي محاكمات على جرائم الحرب، ولم تشكل أي لجان لتقصي الحقائق رغم المطالبات الشعبية، حتى توفي عام 2008.