كل ما تعرفه عن تاريخ السينما؟

اختلف بعض مؤرخو السينما بشأن المؤسس الفعلي للسينما ومكتشفها، وانحصرت نقاشاتهم بين المخترع الأميركي توماس أديسون والفرنسيين الإخوة لوميير. إلا أن معظم مؤرخي السينما يجمعون على أن أديسون قام بتنسيق أفكار غيره من المخترعين، فتوصل في معمله إلى عملية تركيب كل من آلة التصوير وآلة العرض السينمائي. أما الأخوان لوميير فقد تمكنا من عرض أول فلم لهما في العام 1894.

تجارب أديسون
اهتم إديسون في دراسة الحركة والصورة المتحركة، وتمكن في العام 1891 من اختراع آلة جديدة أطلق عليها اسم كنتوسكوب (Kinetoscope)، وهو عبارة عن آلة تعرض صورا متحركة، مسجلة على شريط من السليولويد مثقوب من جانبه، ويبلغ طوله خمسين قدما، وكان لا يتمكن من المشاهدة سوى شخص واحد من خلال فتحة ينظر منها. وقد استفادة في اختراع الكنتوسكوب من اختراع جورج إستمان الذي اخترع الفلم المرن في عام 1889. وفي عام 1893 أنشأ أديسون أول أستوديو في الولايات المتحدة أطلق عليه اسم ماريا السوداء، وكان ذلك الأستوديو يشبه عربة نقل السجناء السوداء المسماة Black Maria وهو عبارة عن غرفة صغيرة بناها في نيوجيرسي وطلاها باللون الأسود من الداخل والخارج وسقفها من الزجاج ووضع الغرفة الصغيرة بكاملها فوق قاعدة متحركة بحيث يستطيع أن يحرك اتجاه الغرفة باتجاه الشمس حيث كانت الشمس في ذلك الوقت هي المصدر الوحيد للضوء لتصوير الأفلام. وكما تمكن أديسون من تصميم أبعاد الفلم الذي استخدمه في جهاز الكينوسكوب وهي قريبه من الأبعاد التي تستخدم في الفيلم العادي حاليا.

الإخوة لوميير
كان الأخوين لويس وأوجست لوميير من صناع المعدات الفتوغرافية وكانا يقومان بعدة تجارب على الصور المتحركة وقد بدأت تجاربهما باستخدام اختراع أديسون الكنتوسكوب الذي عرض في فرنسا لأول مرة بعد عدة أشهر من عرضه في أميركا. وقد تبين لهما أن الحركة المستمرة في الكنتوسكوب تجعله لا يصلح ليكون آلة عرض. لذا صنعا جهاز التوقف ثم الانطلاق، وفي العام 1895 تمكنا صناعة جهاز أطلقا عليه اسم الآلة التي صممت لكي تقبل وتعرض طبعات كرونوفوتوجرافية واختصر الإسم ليصبح سينماتوجراف بعد عدة أسابيع. ومنه اشتقت كلمة سينما وهو عبارة عن كاميرا سينمائية. وقد تمكنا من عرض أول فلم للجمهور في 28 ديسمبر من عام 1895 في غرفة استأجراها من مقهى جران كافيه في باريس وكان طول الفيلم 15 مترا وضم العرض عشرة أفلام كان من بينها فيلم "ساعة الغداء في مصنع لوميير" الذي كان يصور العمال وهم يغادرون المصنع في مدينة ليون وفيلم " الخروج من الميناء" وفيلم "وصول قطار إلى المحطة" الذي كان يصور قاطرة آتية إلى المحطة، و"وجبة خفيفة لطفل صغير" و"طعام القط" و"الحياة على الشاطئ " و"البستاني المبتل". وقام لويس لوميير بتصوير أول 50 فيلما من أفلامه وأسند تصوير الأفلام الأخرى إلى مصورين قام هو بتدريبهم. وبعد أشهر من العرض السينمائي الأول في العالم أرسل لوميير آلات العرض إلى أقاصي العالم حيث قام عملاؤه بعرض الأفلام الأولى عن فرنسا لتدبير نفقات قيامهم بتصوير الأفلام والعودة بها إلى فرنسا.

تطور صناعة السينما
في أواخر سنة 1896 خرجت السينما نهائيا من حيز المخابر، وغدت الآلات المسجلة تعد بالمئات أمثال آلات لومير، ميلييس، باتيه، غومونت في فرنسا وأديسون وكان ويليام يول في لندن قد ارسيت قواعد الصناعة السينما توغرافية حتى صار ألوف الناس يؤمون قاعات السينما المظلمة حيث كانت طريقة العرض عبارة عن مشاهد من الحياة اليومية مثل عمال يخرجون من المصنع حلاق يحلق لرجل لاعب سرك. ومن ضمن الطرائف التي حصلت حيث وضعت الكاميرا قرب سكة القطار وعندما اقترب القطار من الكاميرا أرعب الجمهور ففروا هاربين معتقدين أن القطار سوف يخرج من شاشة العرض ليصدمهم. أما المشاهد الداخلية فكانت تصور على خشبة المسرح والكاميرا ثابتة لا تتحرك والأشخاص أو الممثلون يدخلون ويخرجون داخل منظور الكاميرا. وكانت مدة الأفلام المعروضة (14) دقيقة وبدأت بعدها بالتطور إلى أن جاء بورتر وهو أحد المهتمين بإخراج الأفلام ليعمل نقله سينمائية في عالم الإخراج حيث حرك الكاميرا وأخذ زوايا مختلفة ولقطات قريبة واضعا بذلك فن المونتاج. ومع انتشار آلات العرض ودخول تقنيات جديدة في صناعة السينما تمكن المخرج الفرنسي جورج ميليه من عرض أول فلم للـ خيال العلمي أو الخدع السينمائية في العام 1902 وجاء الفلم بعنوان رحلة إلى القمر. فقد استفاد ميلية من تجربته الغنية بالمسرح المليء بالحيل البصرية وخداعها والمؤثرات الصوتية، واستفاد من اكتشافاته الخاصة في التصوير السينمائي والتصوير الفوتغرافي واللعب في تركيب الصور وإعطائها صورة أخرى بمزيج من الابتكار في المونتاج، ليتمكن بعدها من إخراج فلم رحلة إلى القمر، والذي جعل الجمهور يعيش أجواء خيالية ليس لها وجود من الواقع لمدة 14 دقيقة. في العام 1918 تمكن المخترعون من إدخال الصوت إلى السينما بعد إن كانت الأفلام تصور بدون أن يتحدث الممثلون وكانت الحوارات الرئيسة بين الممثلين يتم عرضها مكتوبة. وقد سبق ظهور الصوت هذه محاولات لإدخال الصوت على الفلم فقد حاول أديسون أكثر من مرة إضافة الصوت إلى الفيلم، وذلك بتشغيل الحاكي (الفونوغراف) مع آلة العرض، لكن هذه المحاولات لم تحقق النجاح المنشود. وقد سبق ظهور الصوت في الأفلام ظهور الموسيقى المصاحبة للفلم فبعد تزايد إنتاج الأفلام شعر السينمائيون أن إضافة الموسيقى إلى الأفلام ربما ستعطي مزيداً من الحيوية. ولم يكن الهدف من استخدام الموسيقى في تلك الفترة المساهمة في إيصال الدراما التي يقدمها الفيلم. فقد كانت الموسيقى تعزف داخل صالة السينما آنذاك حيث كان المؤلف ومن معه يعزفون بجانب الجمهور السينما. وكان الأمر متروكا للموسيقيين في أن يؤلفوا وينظموا المقطوعات في الأفلام كما يشاؤون، وأن يضعوها في المشهد الذي يرونه مناسبا. ومع تطور السينما لم تعد الموسيقى تعزف على الهواء بل صارت مسجلة فيما بعد. ويعتبر المؤلف الفرنسي كاميلي ساينسينز أول من قام بكتابة وتأليف موسيقى خصيصا من أجل فيلم ، وقبله كان الملحنون إنما يقومون باقتباس بعض الكلاسيكيات الموسيقية المعروفة مع بعض التغييرات البسيطة. ومع ظهور الأفلام ناطقة حدث تغييرا في طريقة الموسيقى فهي تسكت أحيانا لأن الممثلين يتحدثون. وقد ساهم ظهور السينما الناطقة في الالتفات إلى الموسيقى والاهتمام بها أكثر، وذلك يتمثل في الحرص على اقتناء الأسلوب الموسيقي الملائم لأجواء الحوار، ووضع الموسيقى في الموضع المناسب من الحدث. ومع بداية الثلاثينات ظهر أمر جديد في الموسيقى، ففي عام 1933 جاء المؤلف الموسيقي ماكس ستينر وأظهر للجميع كيف يمكن للموسيقى أن تؤثر في صناعة الأفلام وأحداث تجانس مع الأحداث لتأثر في عواطف الجمهور. وقد لحن ستينر أفلاما أخرى فيما بعد مثل فيلم كازابلانكا و فيلم ذهب مع الريح وهي أشهر الكلاسيكيات التي ما زالت خالدة حتى الآن.

احتكار فرنسا للسينما
بسبب ظهور السينما في فرنسا فقد تمكن الفرنسيون من احتكار فن السينما لعدة عقود وكان من أبرز المنتجين الفرنسيين شارل باتيه الذي انشأ شركة باتيه التي كان شعارها ديكا يصيح. وتمكن باتيه من خلال شركته من تحقيق السيطرة على سوق السينما العالمية حيث كانت شركته تسوق من الأفلام ضعف الأفلام التي تنتجها الشركات الأميركية مجتمعة عام 1908، وضعف ما تنتجه الشركات البريطانية عام1909 وجاءت الحرب العالمية الأولى 1914 لتلقي بظلالها على الصناعة السينمائية وينحسر الاحتكار الفرنسي في الوقت الذي بدأت فيها صناعة السينما الأميركية بالازدهار كما نهضت صناعات سينمائية عالمية في كل مكان بعد الحرب. كما بدأت في فرنسا فكرة إقامة المهرجانات السينمائية إذ طرح في العام 1939 فكرة إقامة مهرجان كان السينمائي وطرح اسم لويس لوميير لرئاسة المهرجان ولكن المشروع تأجل بسبب الحرب العالمية الثانية ليفتتح في العام 1946.

تم النشر بتاريخ: 23 مايو 2022
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp