من أقدم الأحلام التي داعبت خيال الإنسان، أن يتمكن من صنع كائنات تشبهه، وتكون خاضعة له، ومن هنا نستطيع تفسير نشأة المحاولات الأولى في هذا الميدان، التي بدأت بصنع العرائس والدمى، حيث يمكن السيطرة عليها.
وتاريخ العرائس قديم جداً، ففي أثناء عمليات التنقيب عن الآثار المصرية القديمة، عثر الخبراء على مقبرة غريبة، تضم مسرحاً صغيراً يرجع تاريخه الى عصر قديم كانت تجري فيه طقوس دينية، تعتمد على العرائس المتحركة بخيوط خفية. ثم اكتشف العلماء بعد ذلك نصورص رواية يرجع تاريخها الى القرن الثالث والعشرين قبل الميلا، يبدو فيها الأبطال على هيئة عرائس عملاقة. وفي عصور ما بعد الميلاد، تطوّر فن العرائس، وتحوّل من الميدان الديني الى النطاق الشعبي، وصفه المؤرخون بأنه الفن العظيم للترفيه والتسلية للكبار والصغار.
والمؤسف أن القرون الوسطى، شهدت مأساة لهذا الفن القديم، عندما صدر قرار بتحريمها، وإنزال اللعنات عليها، واعتبار العرائس من الفنون الوثنية. لكن هذا الفن واصل تقدمه بعد ذلك، ومنه ظهر الأراجوز، وخيال الظل، ليثبت أن الفنون لا تموت بقرار ولا يستند الى قواعد دينية راسخة، والعرائس والأراجوز، هي أشكال مصنوعة من الخشب والقماش، يمكن التحكم بحركاتها المختلفة، بواسطة مجموعة من الخيوط. ومسرح العرائس، ينتشر الآن في معظم بلاد العالم، يقدم فنوناً مسلية ومفيدة، لأنها تنطوي على قصص تغرس في الصغار قيم الحب والوفاء والشجاعة والتضحية من أجل الأسرة والوطن.