تفاح صغير ومر، باذنجان بأشواك، وبطيخ لا يفتح إلا باستخدم المطرقة .. خضار وفاكهة تبدو وكأنها من عالم آخر، لكنها كانت موجودة فعلاً، وتناولها أجدادنا يوماً ما.
تطور مذهل على المحاصيل الزراعية لتصل الى الأشكال التي نعرفها اليوم، لم يحصل بين ليلة وضحاها بل استغرق آلاف السنين والكثير من تجارب الزراعة والحصاد، وأخيراً جهود العلم. فما الذي جعل الخضروات والفاكهة اليوم تصبح أحلى طعماً وأكبر حجماً وأصفى لوناً؟.
عرف الإنسان الزراعة منذ قديم الزمان وعرف معها طريقة الزراعة الانتقائية التي اتبعها لتطوير الثمار، كان المزارعون يلجأون لتذوق المحاصيل واختيار أفضلها من حيث الطعم والشكل والحجم ومن ثم تتم زراعتها دون البقية في الموسم التالي ومع الوقت دخل مفهوم التهجين الى الزراعة ليشمل تهجين البذور والتكاثر بالعقل، الآلية هذه حمت البذور من العدوى البكتيرية أو الفيروسية وساهمت بسرعة نموها ليصل البشر أخيراً للتعديل الوراثي الذي سمح لهم بتعديل وإضافة الصفات المرغوبة للفاكهة بل وابتكار صفات جديدة أحياناً.
فالفاكهة والخضروات المتوفرة على رفوف الأسواق والمحلات لم تكن دوماً بالشكل الذي نألفه. والبداية مع الموز الذي يعتقد أنه زرع للمرة الأولى في الفترة ما بين 10 آلاف و7 آلاف عام قبل الميلاد، كان مغلفاً بقشرة سميكة وبذوره كثيرة وقاسية ناهيك عن طعمته النشوية المزعجة، التطور في الموز أكسبه لوناً أصفراً زاهياً وبذور أصغر بكثير، بل وأضاف له عناصر غذائية أكثر. أما الدراق فقد كان أشبه بالكرز الذي نعرفه اليوم من حيث الحجم.
عرنوس الذرة الذي نعرفه لم يكن أفضل حالاً، فقد كانت حبيباته صغيرة وقاسية والثمرة الواحدة فيه لا تنتج عدداً كبيراً من الحبوب، لكن التطور زاد من طوله وزاد عدد الحبيبات فيه وارتفعت نسبة السكر فيها، فأصبحت تُطهى بسهولة وتنتج طعماً حلواً لذرة صفراء شهية، بل وعدّلها العلماء جينياً لينتج منها خمسة ألوان.
لوحة للفنان الإيطالي "جيوفاني ستانتشي" رُسمت بالقرن الـ17، وثقت شكل البطيخ قديماً، فلم يكن أحمر أو حتى حلو الطعم وكان مليئاً ببذور كبيرة وقشرته كانت قاسية، للحد الذي احتاج فيه الإنسان الى مطرقة أو أداة حادة لكسرها، لكن اليوم أصبحت الثمرة الواحدة تزن من كيلوغرامين الى 8 كيلوغرامات وبات لونها أكثر احمراراً، واختفت منها البذور.
القائمة تطول بالمحاصيل التي تطورت مع الزمن، والفضل يعود للعلم ولمحاولات البشر تحسين شكل المحاصيل وطعمها، فإن سمعت بأحدهم يصف خضار وفاكهة اليوم بالاصطناعية فهو ليس بالأمر السيء، وإلا كنا أكلنا الباذنجان بالشوك، وربما لم نجد على موائدنا الموز والدراق والبطيخ.