سرعة التقدم في عالم الذكاء الاصطناعي تفوق سرعة البرق، النظم الجديدة تتوالي بسرعة مذهلة تتنافس في قدراتها على معالجة كميات ضخمة من المعلومات بدقة وفعالية لا تصدق، تحل مسائل معقدة في الفيزياء والكيمياء تضاهي أذكى العلماء، تكتب نصوصاً لا يسهل تمييزها عن كتابة البشر، بل وتحل القضايا الجنائية التي كانت عالقة لعقود. هذا التقدم السريع أوهم البعض بأن الذكاء الاصطناعي وصل الى مرحلة التفكير الفعلي، بينما لا يزال آخرون يرونه مجرد آلة حاسبة متطورة للغاية، حتى وقت قريب كان هذا الجدل مقتصراً على روايات الخيال العلمي ونقاشات الفلسفو وتوقعات مؤثري التقنية الذين يسعون الى إبهار الناس بقدرات شركاتهم وتطورها، ولكنه اليوم أصبح في صلب النقاش العلمي والأخلاقي، حيث يسعى الجميع للوصول الى إجماع حول الفرق بين التفكير الحقيقي والمحاكاة الذكية. يتميز الذكاء الاصطناعي عن النظم الإلكترونية التقليدية بقدرته الفائقة على التفكير بصوت عالٍ، أي أنه يعرض خطوات تحليله للمعلومات قبل عرض النتيجة النهائية، هذا التقدم يجسد بشكل بارز في تقنية التفكير المتسلسل التي حققت نتائج مذهلة، على سبيل المثال استطاع نموذج Open AI الجديد المسمى Strawberry o1 تحقيق نتائج توازي مستوى طلاب الدكتوراة في مجالات مثل الفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء، كما قفز أداؤه في اختبار التأهل لأولمبياد الرياضيات الدولية من 13% الى 83%. لكن هذا التقدم ما زال محصوراً في حدود المحاكاة، فعندما يفكر البشر يخوضون تجارب ذاتية كاملة يشعرون فيها بالحيرة والاستمتاع والرضا، أما النظم الذكية فتعتمد على تطبيق خوارزميات معقدة ونماذج إحصائية متقدمة ولكن دون أي تجربة ذاتية حقيقية، لذا يرى بعض المراقبين أن الذكاء الاصطناعي قد يتفوق على البشر في السرعة والكفاءة ولكنه يفتقر للوعي والإدراك الذاتي.