ساهم معنا

الاستعمار الاقتصادي

الدول الكبرى تسيطر على العالم دون الحاجة للحروب عبر ما يعرف بـ "الاستعمار الاقتصادي". هو شكل غير تقليدي من السيطرة تمارسه دول قوية على دول أضعف دون استخدام الجيوش، يتم ذلك من خلال أدوات اقتصادية، كالقروض المشروطة والسيطرة على الموارد وفرض اتفاقيات غير متكافئة. يهدف هذا النوع من الاستعمار الى جعل قرارات الدول المستهدفة مرهونة بإرادة الجهة المسيطرة، ما يفقدها سيادتها الفعلية ويجعلها تابعة اقتصادياً وسياسياً. أبرز أدواته تشمل الديون الخارجية التي تستخدم للضغط السياسي والاقتصادي، والشركات متعددة الجنسيات التي تحتكر قطاعات حيوية وتُضعف الاقتصاد المحلي، إضافة الى العقوبات الاقتصادية التي تخنق اقتصادات الدول وتجبرها على التنازل، والمعاهدات التجارية غير المتكافئة التي تضعف الإنتاج المحلي وتفتح الأسواق للشركات الأجنبية. هذا النوع من الاستعمار غالباً ما يمرر تحت مسميات التنمية أو المساعدة، لكنه في الحقيقة يؤدي الى التبعية طويلة الأمد ونهب الموارد. هناك أمثلة واقعية كثيرة حول الاستعمار الاقتصادي، أبرزها ما تقوم به فرنسا من السيطرة على اقتصادات دول أفريقية من خلال عملة الفرنك، والولايات المتحدة فرضت نماذج اقتصادية على دول أميركا اللاتينية أو ما تفعله مع أوكرانيا حين تشترط عليها توقيع اتفاقيات للسيطرة على معادنها النادرة، والصين التي تستحوذ على موانئ استراتيجية في أفريقيا وآسيا مقابل قروض صعبة السداد. خطورة الاستعمار الاقتصادي تكمن في كونه غير مرئي لعامة الناس، ويؤدي الى أزمات اجتماعية واقتصادية دون إطلاق رصاصة واحدة، كما أنه يستمر لعقود دون مقاومة حقيقية، وهو ما يجعله أكثر فتكاً وأقل تكلفة من الاستعمار العسكري.
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp

معلومات مختارة