الشيربا .. شعب إيفرست الخارق
يعيشون عالياً بين القمم بعيداً عن القرى والمدن، ويأخذون على عاتقهم حماية سلسلة جبال الهيملايا من المتطفلين. هم يختلفون عنا، فالتسلق بالنسبة لهم أسلوب حياة، إذ يستطيعون تحمل درجات حرارة منخفضة للغاية ومستويات أكسجين قليلة، إنهم شعب الشيربا.
كلمة "شيربا" تعني باللغة التبتية الأشخاص القادمين من الشرق، وهم مجموعة عرقية أصلها من شرقي منطقة التبت في آسيا الوسطى غادروها من حوالي 600 عام، بحثاً عن حياة أفضل واستقروا في وديان جبال الهيملايا العالية في النيبال، ويتركزون تحديداً عند سفح جبل إيفرست، أما عن اختيارهم لهذه المنطقة العالية جداً فيعود لاعتقادهم بأن الآلهة تقطن أعالي قمم الجبال، فهم يسكنون بالقرب منها ولكنهم لا يصعدون للقمم حيث توجد الآلهة.
عاشوا منعزلين عن العالم في منازل حجرية، يتحدثون لغة خاصة بهم، ولا يوجد عندهم أي من مظاهر الحياة الحديثة لكنهم مع طول بقائهم هناك أصبحوا قادرين على احتمال درجات الحرارة المنخفضة، وتكيفوا مع العيش في الارتفاعات الشاهقة بل إن أجسادهم أصبحت قادرة على التنفس في ظل معدلات الأكسجين المنخفضة.
أول من استفاد من قدراتهم الخارقة، كانت بعثة استكشافية بريطانية عام 1907 حيث استأجروا رجالاً من الشيربا لحمل أمتعة المستكشفين، ومع زيادة الشغف الأوروبي بتسلق قمة جبل إيفرست في أواخر القرن الماضي أصبحوا يلجأون للشيربا في إرشادهم للطرق ومساعدتهم على تسلق الجبال، كما تتم الاستعانة بهم أيضاً لإنقاذ الأشخاص العالقين وحتى انتشال جثث المتوفين. وفيما زادت الحملات العالمية التسويقية لقمة إيفرست، استفاد شعب الشيربا منها مادياً حيث زاد مدخولهم وتحسنت جودة الحياة لديهم، إلا أن الشيربا لا يضمنون نجاة المتسلقين فمهمتهم تقتصر على تجهيز المعدات وتمهيد الطريق للمغامرين، وهم مسؤولون كذلك عن سلامتهم بقدر استطاعتهم. فشعب الشيربا غير محصنين ضد الكوارث الطبيعية وفقدوا أشخاصاً على مدار السنوات نتيجة الانهيارات الثلجية والسقوط من القمم، إلا أنهم يؤمنون وفقاً لمعتقداتهم أن الحوادث التي تحدث والأشخاص الذين يموتون قد أغضبوا الآلهة التي تعيش على القمة.
ومع الوقت أصبحت شيربا مصطلحاً أو مهنة تطلق على كل من يرشد المتسلقين سواء أكان من السكان الأصليين أم من الأشخاص الذين تدربوا على إنجاز المهام تلك.