في بداية فصل الربيع من كل عام، يتجمع حول نهر "تتزا" في المجر، عشرات العلماء وآلاف المواطنين، لمشاهدة ظاهرة لا مثيل لها في العالم، هي ظهور آلاف أو ملايين من الذباب الغريب تسرع ذكوره بالزواج من الإناث، وبعد وضع البيض، يأتي الموت، ليتحول الذباب الى جثث تغطي وجه الماء، وتكون مصدر غذاء للأسماك والطيور وغيرها. هذا النوع من الذباب يحمل إسم "مايو"، الشهر الذي يظهر وينتشر فيه عادةً.
طول الذبابة حوالي 12 سنتيمتراً، تتميز بأجنحة زرقاء جميلة، وذيل طويل جداً، وبعد وضع البيض يغوص في قاع النهر، ويفقس بعد 45 يوماً، وعندئذ تسرع اليرقات بحفر قنوا في قاع النهر، تحتمي بها، وتظل بداخلها تتغذى على ما يقترب منها من كائنات صغيرة، لفترة تصل الى ثلاث سنوات، بعدها تترك المخبأ، وتصعد الى سطح الماء، تخلع آخر شكل لتطوّرها، وتحول الى ذبابة كاملة. تدخل في معركة سباق مع الزمن، فعمرها المقرر في موروثاتها، هو عدة ساعات فقط، ينبغي خلالها الزواج وضمان تخصيب البيض ووضعه في مكان أمين بعيداً عن الضواري، ثم يموت الجميع، لتكرر الأجيال الجديدة، نفس هذه الدورة الحياتية. والأمر المثير للمزيد من الدهشة، أن النهر الذي تحتمي فيه اليرقات ثلاث سنوات، يتعرض أحياناً الى كوارث بيئية، بسبب انهيار جدران جسور أو إلقاء سموم كيماوية من مخلفات مناجم هناك، تقتل آلاف الأطنان من الأسماك، وتنجو هذه اليرقات بطريقة يصعب تفسيرها علمياً.