خلال الثورة الفرنسية في القرن الـ18، عاش الناس سنوات من الرعب في حقبة دموية الأشنع في تاريخ البلاد، الإعدامات لم تقتصر على السياسيين. المقصلة فتكت أيضاً بكبار العلماء في مقدمتهم أنطوان لافوازييه أبو الكيمياء الحديثة وأفضل علماء عصره، نشأ في أسرة ثرية، امتلك مخبراً كيميائياً انكب فيه على إجراء الأبحاث وتوصل الى حل لأزمة الإنارة الليلية بباريس، أجرى دراسات على الأكسجين واكتشف دوره الأساسي في عملية الاحتراق وسماه باسمه العلمي. عارض أنطوان نظرية الفلوجستون السائدة منذ قرن، ووضع أسس التحليل الكمي، وفجرت أعماله الثورة الكيميائية في العصر الحديث فلقّب بأبي الكيمياء.
لاحقته تهم ملفقة بالغش في تجارة التبغ فاعتقلته سلطات بلاده متجاهلة جهوده وإنجازاته العلمية وخدماته، قضت المحكمة بإعدام لافوازييه بالمقصلة في الساحات العامة. طالب العالم بتأجيل تنفيذ الحكم 15 يوماً لإتمام إحدى تجاربه الكيميائية المهمة فكان رد القاضي: "الجمهورية الفرنسية ليست في حاجة الى علماء أو كيميائيين، قرار المحكمة لا يمكن أن يُؤجل" كلمة ظلت وصمة عار في تاريخ القضاء الفرنسي ودليلاً على الإجحاف المشين بحق العلم وأهله. أُعدم أبو الكيمياء الحديثة عام 1794، والغريب في الأمر أن المحكمة برأته بعد أشهر من التهم وأرسلت بطاقة اعتذار الى أرملته، "الى أرملة لافوازييه الذي أُدين عن طريق الخطأ مع التحية ..".