في واحدة من أكثر بقاع الأرض قسوة وفي القارة القطبية المتجمدة، يتعانق اللون الأبيض مع الأزرق. لكن في بداية القرن العشرين اكتشف العلماء لوناً ثالثاً هو الأحمر. يتدفق الأحمر الدخيل الذي يشبه شلالات الدم من نهر تايلور الجليدي كأنه جرح لا يندمل، ظلت شلالات الدم لغزاً حيّر العلماء نحو قرن من الزمن الى أن تمكنوا مؤخراً من تحليل عينات منها جسيمات نانوية صغيرة غنية بالحديد والألومنيوم والصوديوم مصدرها كائنات دقيقة مغمورة في مياه مالحة تحت الأرض حاصرها نهر تايلور الجليدي منذ ملايين السنين، وهي ميكروبات طواها الجليد وظلت تعتمد على مصدر وحيد للطاقة هو أيونات الكبريتات في درجة حرارة تبلغ 5 درجات تحت الصفر لا ضوء ولا أوكسجين على عمق 400 مترا وما إن تشق طريقها الى النور، يصدأ الحديد ويصبح لون الياه أشبه بالدم، بعد أن تتسرب المياه شديدة الملوحة الى السطح عبر الشقوق، فتبدو وكأنها شلال دم متفجر قادم من ماضٍ سحيق، يتداخل الأحمر مع الأبيض والأزرق فيضفي غموضاً وروعة على المكان.