تخيلوا عالماً تتوفر لكم فيه جميع مقومات الحياة، طعام وشراب ومسكن بوفرة وبشكل دائم ودون بذل أي مجهود، عالم مليء بالرفاهية دون تعب أو هم. نمط الحياة هذا ربما يكون حلماً لمعظمنا، لكن هناك تجربة علمية نسفت هذا الحلم هي تجربة "العالم 25"، التجربة الأكثر رعباً.
ماذا لو كان عالمنا مثالياً تتوفر فيه جميع احتياجاتنا بسهولة؟. سؤال راود عالم السلوكيات الأميركي "جون كالهون" فقرر إجراء تجربة على الفئران عام 1968، أطلق عليها اسم تجربة "العالم 25" لكنها وصفت لاحقاً بالتجربة الأكثر رعباً في التاريخ.
استعان كالهون بقفص عرضه 2.7 متر وارتفاعه 1.4 متر، صمم فيه الجدار بشكل يصعب على الفئران تسلقه أو الهرب منه، لكنه وفّر لها مساحة كافية للحركة والتكاثر إضافة الى طعام وفير بأنواع مختلفة تتغير كل مدة، وتم التحكم بدرجة الحرارة لتكون مناسبة للفئران صيفاً وشتاءً. كالهون حوّل ذلك القفص الى جنة للفئران داخله وبدأ تجربته بـ8 فئران بنية بالغة بصحة جيدة وخالية من الأمراض.
الفئران استغرقت 104 أيام للاعتياد على مسكنها الجديد وبدأت بعدها بالتكاثر، العلماء حرصوا على فحص الفئران المستمر للتأكد من صحتها وعدم التقاطها أي عدوى، ولاحظوا أن عددها كان يتضاعف كل 55 يوماً. التكاثر استمر حتى وصل عددها الى 2200 فأر بمتوسط عمر يدوم 800 يوم وهو ما يعادل 80 عاماً بعمر الإنسان.
لكن مع خروج معدل التكاثر عن الطبيعة، بدأت ظواهر غريبة بالظهور فقد أرهق الازدحام الذكور وبات الدفاع عن أعشاشها أمراً صعباً، فتخلت عن تلك المهمة وتركت الإناث وحيدة مع الأطفال دون حماية، فبدأت الإناث بتعنيف صغارها ومن ثم قتلها.
لاحقاً ظهرت فئة جديدة من الفئران الذكور تميزت بكونها حسنة المظهر، لكنها لم تكن تقترب من الفئران الإناث، العلماء لاحظوا انتشار الشذوذ بينها وانعزال الإناث في المقابل ونتج عن ذلك انخفاض عدد الولادات. وبعد عامين من بدء التجربة وُلد آخر فأر وقتلت الفئران بعضها بعضاً لتنقرض بشكل كامل. العالم الذي اندهش من نتائج التجربة قرر إعادتها ليحصل على النتيجة ذاتها في كل مرة، حيث أعاد التجربة 25 مرة.
العلماء استنتجوا من التجربة أن الرفاهية الزائدة وغياب المسؤولية كانا كفيلين بإبادة مجتمع الفئران، وأن الحياة بلا هدف عواقبها وخيمة في النهاية، ويعتقدون أن الأمر ذاته سينطبق على البشر في حال توفر كل شيء لهم بلا تعب أو مجهود.
