ساهم معنا

جيوش القوارض .. كابوس المدن الكبرى

عواصم ومدن عالمية كبرى تُعرف بعراقتها وجمالها ومستوى التقدم الحضاري فيها، لكنها وجدت نفسها في حرب ضروس مع جيوش من نوع آخر، جحافل من الفئران والجرذان والقوارض غزت شوراعها وأزقتها وأنهكت السلطات فيها، وإن بدا أن الكفة تميل لصالح البشر في هذه الحرب، فيبدو أن للقوارض رأياً آخر. الفأر كائن صغير يعتقد البعض أنه يسهل التخلص منه بسهولة لكن لديه من عناصر القوة ما يحوّله الى كابوس حقيقي لبني البشر حيث يفضل العيش بينهم ويقتات على كل شيء تقريباً النبات واللحوم والورق والخشب والقمامة والجيف، ورغم أن عمره لا يصل لأكثر من 3 أعوام إلا أن يستطيع التكاثر بمجرد أن يكمل 50 يوماً من عمره وقادر على إنجاب 40 فأراً بحد أدنى سنوياً، ما يعني سرعة مخيفة بالتكاثر ومضاعفة أعداده. أما السلاح الأخطر فهو تسببه بنقل قائمة طويلة من الأمراض والأوبئة للبشر، إضافة الى تخريب المحاصيل الزراعية والممتلكات، والأدهى أن سلالات من القوارض اكتسبت القدرة على مقاومة نمط شائع من السموم المستخدمة لإبادتها، لدرجة أن العلماء أطلقوا عليها اسم القوارض السوبر. كل تلك الخصائص جعلت من القوارض خصماً شرساً للبشر، وفشلت جهود حكومات بحالها في التصدي لها في مدن كبرى كباريس ونيويورك وغيرهما. عاصمة النور باريس مثلاً عانت منذ قديم الأزل من الفئران، ففي القرن الـ14 خسرت حوالي ثلث سكانها بعد أن نقلت لهم الفئران مرض الطاعون الدبلي، وفي تاريخها الحديث وحتى يومنا هذا شكلت الفئران تحدياً حقيقياً للحكومة، ففي عام 2016 اضطرت لإغلاق ما لا يقل عن 9 حدائق عامة بعد أن ارتفع عدد الفئران فيها الى نحو 4 ملايين. المدينة خصصت ميزانية كبيرة لتخليص العاصمة من القوارض عبر شراء المزيد من مصائد الفئران ووضع أغطية خشبية أو زجاجية على بعض صناديق القمامة. لكن نيويورك قررت حذو نهج آخر في حربها مع الفئران، ففي عام 2022 أعلن عمدة المدينة عن وظيفة مدير مكافحة الفئران في المدينة براتب يصل الى 155 ألف دولار سنوياً. أما نيوزيلندا فعجزت عن التصدي لغزوات القوارض ولم تجد سوى الكلاب كسلاح فعّال حيث تتعقبها بفضل حاسة شمها القوية، وتسعى نيوزيلندا لأن تصبح خالية من الفئران بحلول 2050. الحرب بين البشر والفئران مستمرة والطريق ما زال طويلاً أمام تلك المدن للتخلص من هذا الكابوس، لكن ربما اتباع بعض الإجراءات الاحترازية كالالتزام بمعايير النظافة ومنع رمي القمامة في الأماكن غير المخصصة وغيرها قد يساهم في تقليل تكاثر تلك الوحوش الصغيرة.
انسخ الرابطXfacebookwhatsapp

معلومات مختارة