النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي لا تفارق الكرة أقدامه في الملاعب، لكن خارجها لا يفارق كوب المتة من يده، علاقة فريدة تجمعه بهذا المشروب. حاله حال الكثيرين من نجوم كرة القدم في أميركا الجنوبية وشريحة واسعة من السكان في بعض الدول العربية، لا سيما بلاد الشام .. فما سر هذا المشروب؟ وكيف وصل الى العرب؟
كوب ممتلئ بنقيع أخضر اللون ومصاصة خاصة، هذا باختصار ما يصف مشروب المتة، لكن قصته لها أبعاد أكبر من ذلك بكثير أبعاد اقتصادية وثقافية وصحية، تأتي أوراق المتة من نبات البهشية البارغوانية وهو نبات شجري دائم الخضرة لا يتجاوز ارتفاعه ستة أمتار وينمو في المناطق شبه الاستوائية وتحديداً في الأرجنتين والبارغواي وتشيلي.
تقول الأسطور إن آلهة القمر والغيوم نزلت الى الأرض في زيارة لشعب الغواراني الذي استوطن المنطقة بين الباراغوي والبرازيل والأرجنتين قديماً، وهنا حاول فهد الانقضاض على الآلهة لكن رجلاً عجوزاً من السكان المحليين تصدى له، فأهدته الآلهة مشروب المتة كعربون شكر له ولشعبه، منذ ذلك الحين وسكان تلك المناطق في أميركا الجنوبية يشربون المتة بكثرة في يقطينة مخصصة تتم معالجتها لإغلاق مسامها ومن ثم حرقها وتنظيفها، بعد ذلك توضع فيها كمية من أوراق المتة المطحونة أوالييربا ثم يضاف لها ماء ساخن بشرط ألا يصل لدرجة الغليان، ويضاف لها سكر بحسب الرغبة ويُشرب النقيع هذا بواسطة مصاصة خاصة.
المتة لم تبقى حبيسة القارة الأميركية، ففي عام 1860 بدأت هجرة بلاد الشام الى القارتين هرباً من الحروب التي سادت المنطقة آنذاك، وبعض من عاد منهم في عشرينيات القرن الماضي حمل معه تلك النبتة، فوقعت شريحة واسعة من أهالي سوريا ولبنان بحبها من أول رشفة، وبدأت تلك المناطق باستيرادها من دول أميركا الجنوبية، وسجلت في عام 1936 أول عملية استيراد رسمية للمتة من الأرجنتين الى سوريا.
اليوم تنتشر المتة في مناطق بسوريا ولبنان والأردن، وأضاف البعض لمساتهم إليها بإضافة أعشاب أخرى كأوراق الزعتر والنعناع البري وغيرها. الدراسات التي أجريت على المتة وجدت أن نسبة الكافيين فيها أقل نسبياً من غيرها فهي لا تتجاوز 1.5%، كما أنه لا يذوب في الماء وبالتالي فإن أكثر من نصف كمية الكافيين يبقى عالقاً على الأوراق. مشروب المتة يعتبر مفيداً لآلام الصداع ويوصف أيضاً لمشاكل عسر الهضم، والأهم أنه مشروب ارتبط بجلسات العائلة وتجمعات الأصدقاء.