تمتع ملوك فرنسا بالثراء الفاحش والجاه. ويبقى لويس الرابع عشر أكثرهم شهرة وغنى. فعند اعتلائه العرش كانت فرنسا قد انتقلت من مرحلة التأخر الى مرحلة مزدهرة من النهضة. إلا أن هذا الملك الذي لقب نفسه بـ "الملك الشمس" بذل كل جهوده ليجعل بلاطه يعيش في بذخ وإسراف لم تعرفه دول أوروبا الباقية. ولم يعجبه قصر باريس الملكي، فقام بتشييد قصر أفخم وأضخم وأعظم منه في فرساي وهي ضاحية من ضواحي باريس. وأرغم كل نبلاء فرنسا على الانتقال للعيش فيه. وكانت حياة هذا القصر حفلات مستمرة وسهرات وملذات فيما كان الشعب يُعاني من كثرة الضرائب والفقر وطغيان الحكام وظلمهم، وهذا ما سيؤدي فيما بعد الى قيام الثورة الفرنسية. وكان لويس الرابع عشر يحكم بسلطة مطلقة لا يشاركه فيها أحد، فالقرارات كلها تصدر عنه وحده، وكان الوزراء مجرد أتباع ينفذون أوامره وكان لا يقبل أي انتقاد، ويرمي بكل من يعارضه في غياهب السجن، وكانت الصحف لا تنشر إلا ما يمليه عليها، وكان البرلمان أشبه بألعوبة في يده، يفعل به ما يشاء.
