تحكي الأساطير الصينية، أن السور العظيم هو الجدار الذي أمر الإمبراطور "تشين" ببناءه ليخلد الطريق التي قطعها راكباً فوق التنين السحري أثناء مروره داخل الأراضي الصينية. وأيا كان السبب فسور الصين العظيم وتحد من عجائب الدنيا السبع التي يحرص كثير من السياح على مشاهدته والتقاط الصور التذكارية له، فما هي قصه بناءه؟
يحكي لنا التاريخ أنه حتى بداية تولي الملك الصغير "تشين" الحكم في بداية القرن الثالث قبل الميلاد، لم تكن الصين كما هي الآن امبراطورية مترامية الأطراف، ولكنها كانت مقسمة الى ست ولايات مستقلة لكل منها سور خاص ولغة واتجاه قومي مختلف عن جاراتها، فلما آلت الأمور الى الصغير "تشين" الذي لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، قاد حرباً ضد المناطق الست، وأخذ يحقق نصراً وراء نصر، حتى أخضعها جميعا، وأطلق على نفسه لقب "إمبراطور الصين الأول" واتخذ عدة قرارات مهمة من شأنها أن توحد بين أبناء الولايات المختلفة، من بين تلك القرارات هدم الأسوار الصغيرة التي تحيط بكل ولاية وتفصلها عن الأخرى وبناء سور واحد عظيم طوله ستة آلاف كيلومتر يضم أنحاء الإمبراطورية التي أسماها "التشينية" وتعني "الصينية" تيمناً باسمه واعتبر كل من خارج السور الى الشمال "بربرياً".
أما السور فهو أعجوبة معمارية بسبب امتداده داخل مناطق مختلفة في الإمبراطورية، فهو يمر في طريقه على السهول والجبال فيرتفع شاهقاً فوق التلال ويتسلل الى الأودية الضيقة، ويخترق الممرات المتعرجة، ويقطع الأنهار التي كثير ما تعلو مياهها ولا تهدأ، وقد استخدم المعماريون في تشييد السور مواد مختلفة منها الأحجار، والأخشاب الطبيعة، والطين، والرمال والحصى وهذين الأخيرين يخصان الجزء الذي امتد منه في مناطق صحراوية رملية.
تميز السور بوجود فتحات تصوب منها السهام عند أي غزو أجنبي بالإضافة الى القلاع والأبراج العالية التي بلغ عددها عند بنائه حوالي 25 ألفاً يبعد كل واحد منها عن الآخر مسافة مائتي متر تقريباً، وكلها حصينة حتى يقيم فيها الجنود لحماية الإمبراطورية.
حُشد لبناء السور حوالي مليون صيني بينهم علماء ومفكرون، وسواء الذين عملوا وأصابهم الإرهاق والمرض أو الذين رفضوا العمل فقد دفن الكل قبل أن ينهض السور العظيم. وكان عهد تشين فترة من الظلم والاستعباد للمواطنين الذين كان موتهم سبباً رئيسياً في القضاء على الأيدي العاملة الصينية وحرمان البلاد لفترة طويلة من طاقات أبنائها.
