أسهمت في انتشار العبودية، حروب اقتصادية وصراعات عسكرية وقعت بسببها، مذاقها المر حوّل معيشة سكان بعض القرى لواقع أمّر، إنها القهوة الذهب الأسود الذي تقاتلت عليه دول بأكملها.
تاريخياً تم العثور على نبتة البن قبل أكثر من 1000 عام، مصادر تاريخية تزعم أن البن اكتُشف لأول مرة في إثيوبيا وأن أفريقيا هي موطن القهوة الأصلي. ولكن بعض المصادر تشير الى أن القهوة خرجت في الأساس من أرض اليمن قبل نحو أقل من 600 عام ثم انتشرت في دول الشرق الأوسط ومنها الى جنوب الهند ودول أوروبية وأخيراً الى الولايات المتحدة، ومن هنا بدأت الصراعات تنشب بسبب القهوة بعد أن عشق البشر ذلك المشروب الأسود وأصبح من أكثر المشروبات شعبية حول العالم.
بعد ذلك بنحو مئة عام وبحلول القرن الـ18، اعتمدت الدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا والبرتغال وهولندا على القهوة كمحصول استراتيجي لا يقل أهمية عن القطن والتبغ والسكر، ما جعل الفقراء يعانون في دولهم التي تستعمرها تلك القوى الكبرى فزرعوا مساحات شاسعة من البن تحت سوط السخرة والعبودية، لدرجة أن دولة كالبرتغال أحكمت سيطرتها على البرازيل بعنف شديد وأرادت أن تجعل منها أكبر منتج ومصدر للبن وبالفعل نجحت في ذلك.
وكانت القهوة تُشرب باردة ومخمرة في أغلب البلدان، ومع دخول القرن الـ19 ظهر مخترع أميركي يدعى "جورج سي إل واشنطن" وابتكر طريقة عام 1909 تساعد في تحضير القهوة بشكل أسرع وبالفعل نجح في ذلك وباعها للجيش الأميركي بهدف تنشيط الجنود في وحداتهم العسكرية
قهوة جورج واشنطن استمرت مع الجيش الأميركي حتى بداية الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1941 أصبح الجيش يطلب نحو 140 كيساً من حبوب القهوة شهرياً، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اشتعلت منطقة أخرى من العالم وهي أميركا اللاتينية التي تأجج فيها الصراع الإقليمي بسبب استغلال العمال في زراعة وصناعة القهوة ومحاصيل أخرى. أما في بلد مثل السلفادور اشتعلت حرب استمرت لنحو 13 عاماً بين عدة أطراف كانوا يسعون للتخلص من الحكومة التي كانت على علاقة وثيقة مع كبار منتجي القهوة، وقعت على إثرها حرب أهلية تسببت في مقتل نحو 50 ألف شخص وتهجير مليون شخص وانخفاض شديد في منتوج القهوة.
المفارقة العجيبة أن القهوة كانت عنواناً لنهضة شعوب ودول، لكن في الوقت نفسه كانت سبباً في كثير من الصراعات والحروب والدمار، وبين هذا وذلك تبقى للقهوة مكانة خاصة في قلوب مليارات البشر حول العالم.
